البيان السعودي حول سوريا.. لماذا هو تاريخي؟

المهم في البيان الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين أمس أنه حدَّد الموقف السعودي من الأحداث الدائرة في سوريا، ورسم خطة سياسة المملكة لما تبقى من عمر هذا الكيان المتهادي، فقد كشف أوراق العبث البعثي، وجاء حازماً وليّناً في ذات الوقت، مبدداً الهواجس التي تقول بأن صمت المملكة عمَّا يدور في سوريا سيطول، في فورة الثورات التي تقوم على الجسد العربي من كل جانب، لشعوب آثرت الخروج على الضيم، وانتهاك حقها في العيش الكريم.

البيان غير الاعتيادي اتخذ صبغة "التاريخي" منذ الإخبار عنه، فالمملكة كانت تنأى بذاتها دوماً عن التدخل في الشؤون الداخلية ﻷي دولة، مهما كانت مُقرَّبة، وكانت تلخص موقفها الرصين المتسم بالإنسانية والعدل، بالدعوة إلى الاستقرار، ونبذ العُنف، حتى في أحداث أقرب جاراتها إليها، البحرين، فقد كانت ترسل بين فينة وأخرى رسائل حازمة لإيران بوقف تأثيرها السافر، وتدخلها في فرض مواقف خاصة لبعض فئات الشعب تجاه القيادة البحرينية، دون أن تقحم نفسها في الشأن البحريني الداخلي، فهي كانت وﻻتزال تنادي بوضع اعتبار لحق الجوار بين إيران ودول الخليج، إلا أن البيان "التاريخي" الذي أصدره الملك عبدالله كان يخص شأنا سورياً داخلياً، تناول الأحداث الجارية داخل الحدود السورية بشرف المسؤولية، وشهامة العربي، وخوف الأخ على حياة أخيه المواطن السوري.

والحقيقة أن الاتزان الذي بدا في البيان، بدءاً من الشعور بالاستياء من استخدام السلاح في القمع، والترحم على الشهداء، ووصف حُجج النظام السوري بالضعيفة، انتهاءً باستدعاء السفير السعودي للتشاور؛ قد قطع سُبُل الشك لدى الكثير من الشعوب ناهيك عن الحكومات، وأثبت أن المملكة ما كانت لتصدر هذا البيان - وإن جاء متأخراً بعض الشيء - إلا لأنها شعرت أن موقفها سيحسم جزءاً مهماً من الطريق نحو الاستقرار، ولتوضح جلياً لإيران وحزب الله وبعض الدول الحليفة لنظام الأسد أن اتفاقات الليل كشفها نور فجر ﻻ يرضى لقيادة عربية أن تستمر على جثث شعبها.

حان دور سوريا الآن لترفع غشاوة "جنون البقاء" عن عقول قادتها، وتتخلى عمَّا هيَ عليه، فالمواقف الدولية لأهم الدول توحدت، إقليمياً وعالمياً، حكومات وشعوب، ضد أفعال ﻻ يقبلها دين وﻻ بشر. 

تعليقات

  1. يعني تاريخي مرره ولا شوي .. طيب لو صار عندنا شي وش تعتقد يسوون فينا ؟

    ردحذف

إرسال تعليق